في السنوات الأخيرة، جعلتنا التطورات في مجال علم الوراثة أقرب إلى إمكانية إحياء الأنواع المنقرضة مثل الماموث الصوفي. وفي حين تثير هذه الفكرة الخيال، فإنها تثير أيضاً مخاوف أخلاقية وبيئية وتكنولوجية كبيرة. ففي عام 2003، حقق العلماء نجاحاً عابراً في “إعادة الأنواع المنقرضة” من خلال استنساخ وعل جبال البرانس، وهو نوع منقرض. ورغم أن الاستنساخ لم ينجُ إلا لفترة وجيزة بسبب عيب في الرئة، فإن هذا الحدث كان بمثابة بداية اهتمام علمي جاد بإعادة الأنواع المنقرضة إلى الحياة. واليوم، تطورت التكنولوجيا إلى الحد الذي أصبح معه إحياء الأنواع التي اختفت منذ فترة طويلة احتمالاً واقعياً.
دور العلوم البيولوجية الهائلة في مكافحة الانقراض
ومن بين اللاعبين الرائدين في هذا المسعى العلمي شركة كولوسال بيوساينسز، وهي شركة مقرها تكساس، وضعت نصب عينيها إحياء العديد من الأنواع الشهيرة، بما في ذلك الماموث الصوفي، والدودو، والنمر التسماني. وتتضمن استراتيجية الشركة دمج المادة الوراثية لهذه الأنواع المنقرضة في جينومات أقرب أقاربها الأحياء، مع الحفاظ على الجينات الوراثية لهذه الأنواع. هدف إعادة الإنشاء الحيوانات التي يمكن أن تلعب أدوارًا مهمة في أنظمتها البيئية.
أشار بن لام، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لشركة كولوسال بيوساينسز، إلى أن الشركة قد تنتج عجلاً يشبه الماموث في وقت مبكر من عام 2028. وتتضمن العملية إدخال الجينات المرتبطة بالسمات المميزة للماموث الصوفي، مثل فرائه الكثيف وأنيابه الكبيرة، في جينوم الفيل الآسيوي، وهو قريب منه. ثم يتم زرع الأجنة الناتجة في فيل بديل، أو ربما رحم اصطناعي، لنمو المخلوق الهجين.
الاعتبارات البيئية: استعادة أم مخاطرة؟
الفكرة وراء هذه إزالة الانقراض إن الجهود المبذولة لا تقتصر على إحياء الأنواع القديمة من أجل ذاتها فحسب، بل تشمل أيضاً استعادة الوظائف البيئية المفقودة. على سبيل المثال، لعبت حيوانات الماموث الصوفية ذات يوم دوراً حاسماً في الحفاظ على المراعي في القطب الشمالي، والتي فقدت الآن لصالح الشجيرات والغابات. ومن خلال إعادة إدخال حيوانات الماموث، يأمل العلماء في إعادة إنشاء هذه النظم البيئية، وهو ما قد يساعد في تخزين الكربون ومكافحة تغير المناخ.
ولكن المخاطر المحتملة كبيرة. ويزعم المنتقدون أن الأنظمة البيئية تكيفت مع غياب هذه الأنواع، وأن إعادة إدخالها قد يؤدي إلى عواقب غير متوقعة وربما كارثية. وهناك أيضا مخاوف بشأن العواقب الأخلاقية المترتبة على استخدام الأنواع المهددة بالانقراض مثل الفيل الآسيوي كبدائل، وهو ما قد يهدد أعدادها بشكل أكبر.
التداعيات الأوسع والمناقشات الأخلاقية
إن الآثار الأوسع نطاقاً المترتبة على إعادة الأنواع المنقرضة تتجاوز البعد البيئي. ويحذر بعض الخبراء من الغطرسة التي قد تنجم عن افتراض قدرة البشر على التحكم في مثل هذه التقنيات القوية. إن احتمالات العواقب غير المتوقعة حقيقية، وقد يخلف خلق الحيوانات المنقرضة آثاراً لا نستطيع التنبؤ بها أو إدارتها بالكامل.
وعلاوة على ذلك، أثار التركيز على إنقاذ الأنواع المنقرضة انتقادات من جانب خبراء الحفاظ على البيئة الذين يزعمون أن الموارد من الأفضل إنفاقها على حماية الأنواع المهددة بالانقراض حاليًا. موارد إن المشاريع المخصصة لإحياء الأنواع المنقرضة قد تساعد في إنقاذ مئات الأنواع التي أصبحت على وشك الانقراض اليوم.
الخاتمة: مستقبل غير مؤكد لظاهرة القضاء على الانقراض
ورغم أن فكرة رؤية الماموث الصوفي يسير على الأرض مرة أخرى فكرة رائعة بلا شك، فإنها تأتي مع مجموعة من التحديات الأخلاقية والبيئية والتكنولوجية التي يتعين على المجتمع أن يدرسها بعناية. وما زال مستقبل عملية إعادة الأنواع المنقرضة غير مؤكد، وما زالت الفوائد المحتملة لهذه التطورات العلمية غير مؤكدة مقارنة بالمخاطر المحتملة.
ربما تكون شركة كولوسال بيوساينسز وشركات مماثلة على وشك تحقيق إنجاز رائد، ولكن العواقب الكاملة المترتبة على إعادة الأنواع المنقرضة إلى الحياة لم تُفهَم بعد. وما إذا كان هذا السعي العلمي سيساهم بشكل إيجابي في التنوع البيولوجي ومرونة النظم الإيكولوجية أو سيخلق مشاكل جديدة، فهذا سؤال لا يستطيع الإجابة عليه إلا الزمن.